الأساس في العلوم السياسية |
الأساس في العلوم السياسية (تحميل كتاب مجاني pdf)
د. قحطان أحمد سليمان الحمداني
إن العلوم السياسية من أرقى العلوم الإنسانية؛ لأنها تبحث في علاقات الأفراد والسلطة، وعلاقات الدول والمنظمات بعضها مع البعض الآخر، مستهدفة خير الأفراد والجماعات والحكومات، بل خير البشرية كلها وأمنها ورفاهيتها، وفقًا لإدراك الأطراف المعنية المساهمة في تلك العلاقات. والسياسة كما وصفها أرسطو سيدة العلوم؛ ولذلك فهي القمة في تسلسل العلوم العامة والمعرفة؛ لأنها هي التي تقرر وتخطط وتنفذ، والقرار السياسي هو القرار الأعلى الذي يتخذه صناع القرار، ومن هنا فإن فهم السياسة بمعناها الواسع التي تخص المجتمع كله، وفهمها بالمعنى الضيق أي الحكم والسلطة يتطلب معرفة الأفراد والمجتمعات والدول، بمبادئها الأساسية، وميادينها التطبيقية، ومواضيعها المختلفة؛ من أجل السعي لحل مشكلاتها ومعوقاتها، والتي تعرض سبل العمل المتشعبة، وفي كل المجالات لإتمام الفائدة منها، وإزاحة الضرر الذي ينتج عنها.
والسياسة كفَنٍّ تعني أن هناك مجموعة مهارات سياسية لا بد أن تتحقق عند كل من يضطلع بمهمة ممارسة الحكم، وهذه المهارات تكتسب من خلال الخبرة العملية، لكن الخبرة وحدها ليست كافية؛ إذ يتعين أن تتوافر عند هؤلاء الأشخاص مميزات أو خصائص فريدة؛ كالقدرة على الخيال الخصب الخلاق، وبعد النظر والإلهام، والقدرة على بلوغ الغاية، وتحقيق الهدف بنجاح، من خلال اختيار أدق وأنسب الوسائل، ومعنى ذلك كله أن السياسة تحتاج إلى نوع من الحكمة العملية، بمعنى أن تعلم السياسة ومعرفة دروسها لا يتم عن طريق المنطق فحسب، ولكنه يحتاج إلى تطبيق الإلهام والاستدلال الحدسي؛ ومن ثم يجب على عالم السياسة أن يوجه عناية خاصة إلى فن ممارسة الحكم.