الفرق بين المدارس الجيوبوليتيك (الألمانية – الإنجليزية – الفرنسية)

www.elsiyasa-online.com
الفرق بين المدارس الجيوبوليتيك (الألمانية – الإنجليزية – الفرنسية) 

المدرسة الألمانية :
تمركزت الآراء الجيوبوليتيكية الألمانية حول عدد من الموضوعات السياسية، أهمها : فكرة الدولة العضوية، والمجال الحيوي، والحد العضوي القابل للتمدد والانكماش، وكان محور تفكير معهد ميونيخ أن قوة منطقة معينة أو ضعفها مرتبطة بموقعها وطبيعة حدودها . ويعد راتزل وهاوسهوفر أبرز منظري المدرسة الجيوبولتيك الألمانية.

راتزل: يذهب راتزل في تفسير الجيوبوليتك، على أن الدولة، التي تعد الموضوع الأساسي لأعمال وميدان الجيوبوليتك، هي مثل الكائن الحي الذي يولد، ينمو ويكبر إلى غاية وصوله إلى مداه في النمو، ثم تتلاشى قوته ويموت ولكي تحيى الدولة وتنمو بالنسبة لراتزل، يجب أن تتنفس بالتوسع خارج إقليمها، وهو بذلك يوصي صانعي القرار في ألمانيا بأن قوتها العالمية تستمدها من التمدد والتوسع الجغرافي في المناطق الحيوية، وهو المفهوم الذي وضعه راتزل : المجال الحيوي وهو ما يعد بمثابة الفضاء المغذي للنمو وقد وضع راتزل القوانين السبعة للتوسع

1 – امتداد الدول وتوسعها يتمدد بمقدار التطور الثقافي الحاصل فيها.
2- توسيع الدولة في المجال المكاني يصاحبه الأبعاد الأخرى المشكلة لعناصر قوة الدولة، من حيث تطور الاقتصاد: الإنتاج، النشاط التجاري، قوة الدولة في خلق نمط جذاب في الخارج مع القدرة على الدعوة لتصدير هذا النموذج.
3- تتوسع الدولة على حساب الوحدات السياسية ذات الأهمية الثانوية، بضمها إليها وابتلاعها.
4- مفهوم الحدود يخضع لمنطق الكائن الحي الذي لا يعرف حدود في النمو، وهو ما يعطي شرعية للتمدد في حدود الوحدات السياسية الثانوية، أو الضعيفة البنيان والأركان.
5- عندما تحقق الدولة توسعها المكاني في المناطق ذات الأهمية الثانوية، تحاول الاستيلاء والسيطرة على المناطق الأكثر أهمية بالنسبة لتوسع إمبراطوريتها، من خلال السيطرة على الأنهارّ، المضايق، الوديان وكل المناطق التي تعتبرها أهمية وحيوية لنموها
6 – الدولة التي تملك حضارة سامية يدفعها للتوسع في الرقع الجغرافية والمجالات الحيوية للحضارات الأدنى، أي أن شرعية التوسع يكون مدفوعا بقوة الحضارة التي تخضع الحضارات الأدنى منها، وهو ما يعني
الغطاء الحضاري للسيطرة والهيمنة.
7- إلحاق المناطق الضعيفة له انعكاس تراكمي، بمعنى كلما ألحقت المناطق الأقل أهمية زادت الشهية لإلحاق المناطق الأكثر الأهمية، أو كما يقال في المثل الفرنسي:”الشهية تأتي مع الأكل .

تحليل هذه القوانين السبع، توحي بأن راتزل كان يقدم التوصيات لكل الإمبراطوريات التي تريد تهيمن على العالم، وهو ما جعل البعض يسميها الدليل المرشد للإمبرياليين ، وإن كان من خلال هذه القواعد يريد تنبيه القادة الألمان بأهمية الجيوبوليتك للسيطرة على العالم واكتساب المزيد من القوة ، إضافة إلى هذه القوانين السبعة للتوسع، فقد نبه القوي البحرية العظمي بضرورة تطوير قدراتها البحرية، بالاستناد إلى التجارب الأوروبية السابقة في بريطانيا، هولندا واسبانيا وغيرهم، كما ينبه القوة البرية العظمى بأهمية تطوير القوة البحرية للوصول إلى مكانة عالمية .

كارل هاوسهوفر : يعد الجنرال كارل هاوسهوفر أحد أتباع راتزل، بحيث قام بتحليل وتطوير نظريته الجيوبوليتكية، وينطلق في تحليلاته من فكرة بسيطة مفادها، إذا كانت الدول الضعيفة تعمل على الحفاظ على حدودها وتدافع بكل ما أوتيت من قوة لبقائها الإقليمي، فإن الدول القوية تسعى بالمقابل لتنمية قدراتها الجغرافية لضمان نموها الطبيعي في مجالها الحيوي ، فالحدود بالنسبة إليه غير مقدسة، وإنما هي رهان المعركة من أجل الوجود ، وهو ما جعله يطالب ألمانيا بعدم الاعتراف باتفاقية فرساي لسنة 1919 وطالب بالوحدة القومية للأمة الألمانية لكسب القوة الضرورية، وهذا ما سوف يعزز لها النمو والارتقاء إلى مصاف القوى الكبرى .



لكي تصبح المحور والقاطرة لأوروبا مما يسهل لها السيطرة على إفريقيا والشرق الأوسط، بإقامة تحالف عالمي مع اليابان التي لديها الرغبة في الهيمنة على شرق آسيا بما فيها الصين، وفي حالة تراجع روسيا عن الشيوعية فإنه سيسمح لها بالسيطرة على الهند وإيران وجزء من جنوب آسيا، وفي حالة ما إذا رفضت روسيا التخلي عن الشيوعية فإنها ستقسم إلى مجموعة من الدول تحت النفوذ الألماني في جزءها الأوروبي واليابان في جزءها الآسيوي، وهو ما سيسمح بإضعاف بريطانيا، ويمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تستمر في مواصلة استخدام نفوذها على المجموعة الأمريكية وتتلخص عقيدة كارل هاوسهوفر الجيوبوليتكية في العمل على إقامة حلف قاري يضم برلين- موسكو- طوكيو للرد على الحلف القائم في غرب أوروبا والممتد إلى الأطلسي والذي يضم كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة . تأثر بفكرة الاقاليم الكبرى التى قدمها راتزل ولذلك قدم المبادىء التاليه:
1-اعتبر الاتحادالسوفيتى هو بدايه اسيا وحتى تكون المانيا فى حاله تفاوضيه افضل يجب ان تتحد دول شرق اوربا تحت زعامه المانيا(الطريق الى قلب العالم)
2-رفض كارل هاوسهوفر شن حرب شامله ضد اللاتحاد السوفيتى واعلن ان نصيبها الفشل
3-قدم مفهوم الاقاليم الكبرى
أمريكا الكبرى (تحت زعامه الولايات المتحدة)
روسيا الكبرى (تحت زعامه الاتحاد السوفيتى)
اوروافريقيا ( تحت زعامه ألمانيا وإيطاليا )
أسيا الشرقيه الكبرى (تحت زعامه اليابان)
وفى حاله التوازن لابد أن تتحد الأقاليم الكبرى القديمه فى مواجهه الولايات المتحدة. لم تستطع ألمانيا أن تطبق هذه الرؤية الجيوبوليتيكية التي طرحها هاوسهوفر، رغم ما قيل حول العلاقات التي تربط بين هاوسهوفر وهتلر .

المدرسة الإنجليزية:
وتقوم دعائم المدرسة الإنجليزية علي القوة البحرية sea power من خلال الهيمنة علي البحار والمحيطات ، ويعتبر جون ماكيندر الأب المؤسس لهذة المدرسة .

جون ماكيندر :
يعد ماكيندر من الجغرافيين الإنجليز البارزين وقد اتسمت أفكاره بالتغير الدائم بحيث تتناسب مع الظروف والمستجدات التكنولوجية ، وقد قدم مجموعة من الفروض تربط بين الجغرافيا والعلاقات الدولية . ونستطيع أن نضع أفكاره وفق حقب زمنية ثلاثة :

الفترة الأولي : من عام 1904 حتي عام 1919.

الفترة الثانية : من عام 1919 حتي عام 1943.

الفترة الثالثة : وهي المرحلة الأخيرة التي بدأت منذ عام 1943

أولا : الفترة الأولي : ربط ماكيندر بين المساحة الكبيرة والموقع المكاني وأعطاها المكانة الأولي في العالم ، وقد ارتبط اسم ماكيندر بنظرية قلب العالم heartland وهي النظرية التي شغلت الباحثين الألمان وعملوا علي وضعها في الاستراتيجيات الألمانية لتنفيذها لصالح السيطرة الألمانية .

ويري ماكيندر من ثنايا نظريته : أن الذي صنع تاريخ العالم وسوف يصنعه دائما هم سكان المناطق الداخلية العظيمة التي تشمل سهول شرق أوروبا وسهول شرق ووسط أسيا وهذة منطقة يابس واسعة يحيط بها الجليد من الشمال ، كما يحيط بها المياه من بقية الجهات وتبلغ مساحاتها ثلاثة أضعاف مساحة قارة أمريكا الشمالية .

ثانيا : الفترة الثانية : أوضح ماكيندر إلي خطورة أي تحالف بين روسيا وألمانيا أو سيطرة إحداهما علي الأخري وقد قام ماكيندر خلال تلك الفترة بتطوير نظرية قلب العالم فقد أدمج وسط أوروبا وأعالي نهر الصين والهند من منغوليا والتبت كأضافة ذات قيمة استراتيجية واضعا في اعتباره تغييرات وسائل النقل والتكنولوجيا ، وبعد أن قام بتوسيع حدود منطقة القلب لاحظ ماكيندر ان ثلاثه أرباع مساحه الكرة الأرضيه مغطاه بالمياه في حين أن مساحه اليابسه لا تتجاوز ربع إجمالي مساحة العالم ولاحظ اتصال البحار ببعضها البعض فأطلق عليها المحيظ العالمي ، كما لاحظ أن اليابسة تشمل جزئين ،الأولي وهي الجزيرة العالمية و تشمل قارة أوروبا واسيا وأفريقيا مجتمعة أما الجزء الباقي فتشغله كل من قارة أمريكا الشمالية والجنوبية وقارة أستراليا وهي مجرد أجزاء صغيرة تعاني من عيوب استراتيجية ، وتستطيع الجزيرة العالمية أن تحارب كل القوي الأخري ، ولايستطيع أحد السيطرة عليها إلا بقوة برية ، وعلي هذا الأساس وضع ماكيندر فروض علمية عن قلب العالم – أن من يحكم شرق أوروبا يحكم منطقة قلب العالم – وأن من يحكم قلب العالم يحكم جزيرة العالم (أفروأوراسيا) – وأن من يحكم جزيرة العالم يحكم العالم

ثالثا : الفترة الثالثة : في عام 1943 ونتيجة لاعتبارات الحرب العالمية الثانية فقد أدخل ماكيندر مناطق بحر البلطيق والبحر الأسود في منطقة القلب العالم بعدما تعذر السيطرة عليها من قبل دول بحرية ، وارتباطا بتطورات الحرب فقد استبعد سيبيريا الشرقية من منطقة القلب ، كما وصف المحيط الأطلنطي علي أنه المحيط الأوسط رابطا بذلك أراضي أوروبا الغربية وشمال غرب أفريقيا بمعظم مناطق العمران في الولايات المتحدة وكندا وأمريكا الوسطي والكاريبي في وحدة عضوية جديدة هي وحدة إقليم الأطلنطي الشمالي ويعطي ماكيندر لهذا الإقليم أهمية مماثلة لأهمية قلب العالم وقوة مواجهة له .

كما أعطي ماكيندر وضعا للإقليم الخالي أو شبه الخالي من السكان والنشاط وهو مثل حلقة الصحاري الشاسعة الرملية أو القطبية في شمال وشرق سيبيريا وشمال كندا وغرب الولايات المتحدة ، كحلقة خالية بين مركزي قلب العالم وأراضي المحيط الأوسط .

المدرسة الفرنسية:

يعد جاك أنسل وإيف لاكوست من المؤسسين للجيوبولتيك الفرنسية إيف لاكوست : اهتم إيف لاكوست بدراسة قضايا العالم الثالث ثم بظاهرة الحرب ، ولم يتفق مع طروحات النظرية العضوية الألمانية والبريطانية ، كما لم يتفق مع الطرح النفعي البراجماتي الذي تبنته المدرسة الأمريكية ، وقد عرف الجيوبولتيك علي أنه يهتم بوصف وتفسير تنازع وتنافس السلطات حول الأقاليم والإرادات الوطنية ، ويوصف لاكوست علي أنه أهتم بالجيوبولتيك المحلية غير المعولمة من خلال دراسته للعلاقة بين الميول السياسية للسكان والأرض التي يعيشون عليها ، ولم يكن مهتما بالطرح الأطلسي ، أي السيطرة علي الأطراف المحيطة بمنطقة القلب ، كما قدمه ماهان وسبيكمان أو الاهتمام بمنطقة القلب التي يمكن أن تسيطر علي العالم بعد سيطرتها علي الجزيرة العالمية .

تعليقات