تقرير استراتيجي "حالة الإقليم: التفاعلات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط 2018 – 2019"

www.elsiyasa-online.com
تقرير استراتيجي "حالة الإقليم: التفاعلات الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط 2018 – 2019" 

ليس من المبالغة القول إنه لا يوجد إقليم آخر في العالم يماثل إقليم الشرق الأوسط من حيث حجم الاضطرابات التي تشهدها 
دوله؛ إذ توضح الأرقام الصادرة عن قواعد بيانات الصراعات ) 2011 - 2016 ( هذه الحقيقة بجاء، فعلى الرغم من أن سكانه لا يمثلون سوى 8% فقط من إجمالي سكان العالم، فإن %67 من قتلى الصراعات تقع في هذه المنطقة، التي يوجد بها حوالي 43 % من إجمالي النازحين في العالم، ويقع بها %50 من إجمالي الهجمات الإرهابية في العالم، ويسقط خلالها حوالي 60 % من إجمالي ضحايا الإرهاب في العالم.
وتتعدد العوامل التي تسببت في حالة عدم الاستقرار الإقليمي، إذ يتصل بعضها باستمرار الصراعات والحروب الأهلية التي شهدتها بعض الدول الرئيسية في المنطقة، مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن بدءا من عام 2011 ، بالإضافة إلى استمرار الصراع الإقليمي بين التحالفات الرئيسية القائمة في المنطقة، ممثلة في التحالف الشيعي بقيادة إيران وحلفائها من الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، والتحالف القطري – التركي، بالإضافة إلى تحالف دول الرباعية العربية، والتي تضم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر.
وسعت كل من إيران وتركيا وحلفائهما إلى بسط النفوذ في المنطقة العربية، خاصة في بلدان الصراعات، وتسعى دول الرباعية العربية في المقابل، إلى استعادة الاستقرار الإقليمي في مواجهة هذه التدخات، وذلك عبر إقامة عدد من التحالفات السياسية والعسكرية، على غرار التحالف العربي لاستعادة الشرعية، والتحالف الإسامي العسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية.



ولاتزال الدول العربية، التي نجحت في استعادة الاستقرار في مواجهة الاضطرابات التي صاحبت ما عرف باسم "الربيع العربي"، تعاني الاحتقان الداخلي مع استمرار التظاهرات التي تشهدها بعض دول الشرق الأوسط من فترة لأخرى ارتباطا بتردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدل التضخم، وفاتورة الإصاح الاقتصادي التي تدفعها شعوب ودول المنطقة. ويضاف إلى ما سبق مواصلة التنظيمات الإرهابية المرتبطة بداعش والقاعدة أنشطتها في المنطقة العربية، إذ لايزال تنظيم "داعش" يحتفظ بحوالي 30 ألف مقاتل في سوريا والعراق، وفقاً للتقديرات الأمريكية، بينما تمكنت حركة الشباب من تصعيد أنشطتها الإرهابية في الصومال، على الرغم من المحاولات المبذولة من قبل الولايات المتحدة والقوات الحكومية والأفريقية لكبح جماح التنظيم.
وشهد الشرق الأوسط استمرار التنافس بين القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والصين، حيث يشهد الدور الأمريكي تراجعاً واضحاً في سوريا، لصالح النفوذ الروسي.
وعلى الجانب الآخر، تسعى موسكو إلى توسيع نفوذها في ليبيا، بالإضافة إلى تعزيز علاقاتها مع الدول العربية عبرتصدير الساح، والدخول في مشروعات للتصنيع العسكري المشترك. وفي المقابل، تسعى دول الاتحاد الأوروبي، خاصة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا للعب دور فاعل في تسوية بعض صراعات المنطقة، خاصة الأزمتين اليمنية والليبية.
وشهد عام 2018 كذلك مؤشرات واضحة على بدء عسكرة الدور الصيني في المنطقة العربية، وعدم اقتصاره على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول المنطقة، فقد افتتحت بكين أول قاعدة بحرية عسكرية لها خارج أراضيها في جيبوتي، وبدأت الشركات الأمنية الخاصة الصينية تتمدد في بعض دول المنطقة، لحماية الاستثمارات الصينية، خاصة في العراق.
وفي ظل هذه البيئة الإقليمية المضطربة، يسعى هذا التقرير الاستراتيجي إلى رصد أبرز التطورات التي شهدها الشرق الأوسط خال عام 2018 ، ومحاولة استشراف مساراتها
المستقبلية خال عام 2019 ، سواء على مستوى أدوار القوى الدولية في المنطقة، أو فيما يتعلق بالتفاعات الإقليمية بين الدول الرئيسية في الإقليم، وكذلك أهم التحولات الداخلية
التي شهدتها بعض دول المنطقة، ومستقبل الحراك المجتمعي بها، بالإضافة إلى رصد أسعار النفط والغاز، وتوقعات النمو الاقتصادي لبعض دول المنطقة. وأخيراً، يلقي التقرير الضوء على أهم التطورات التكنولوجية التي قد تترك تأثيرها على المنطقة العربية.






تعليقات