النقاشات النظرية الكبرى في العلاقات الدولية

www.elsiyasa-online.com
النقاشات النظرية الكبرى في العلاقات الدولية




يمكن رصد حركة التحولات الباراديمية فيما اصطلح عليه باسم " النقاشات النظرية الكبرى في العلاقات الدولية".

1-  النقاش النظري الأول:  المتمحور حول : نظريتين أنطولوجيتين للطبيعة الإنسانية ( متقابلتين و متعارضتين ).
·        طرفاه " الواقعية " و " المثالية " ( خاصة ما بين الحربين الأولى و الثانية ).
·        محوره أنطولوجي محض، حيث يتعلق بإعطاء مبررات كافية لاختيار وحدة التحليل التي يتم تبنيها .
و بالتالي الإجابة على السؤال: مالذي نريد معرفته؟. و ماطبيعة و جوهر ما ستنصب عليه تحليلاتنا؟.
انطلاقا من هذا نشأ نقاش نظري بين الواقعيين و الليبراليين- المثاليين تبناه المفكر " إدوارد هيولت كار" في كتابه " السنوات العشرون للأزمة 1919-1939 "، الذي إنتقذ فيه الليبرالية الأوروبية ( نظرية آدم سميث و أسسها المثالية: اليد الخفية تحافظ على توازن السوق التوازن الطبيعي التلقائي" و التطور التاريخي الإيجابي الإنسان خير بطبعه و الحرية الفردية ضمان الثروة الاقتصادية )، و معاهدة فرساي، داعيا إلى العودة إلى أساسيات الفكر السياسي الأوروبي الحديث- فكر ميكيافيلي و هوبز خاصة " الإنسان شرير بطبعه " و هو الخلاف محل النقاش النظري الأول.
2-  النقاش النظري الثاني: نظريتان منهجيتان لطبيعة المعرفة : و طرق الوصول إليها مع نهاية الحرب العالمية الثانية.
·        طرفاه أصحاب المقاربة "العلمية" للنظرية مقابل أصحاب المقاربة " التاريخية " .
يذهب أصحاب المقاربة العلمية إلى الاعتقاد بإمكانية اكتشاف القوانين العامة التي تحكم سلوك الدول.
في حين يذهب أصحاب المقاربة التاريخية إلى الاعتقاد بأن الهدف هو البحث عن أنماط تقريبية في السلوك و التي تعتمد مصداقيتها الإمبريقية على سياق تاريخي معين.
السؤال الجوهري " ماإذا كان الإنسان يستقي معرفته من عقله أم من التجربة؟.
قاد هذا النقاش إلى كل من " مورتن كابلان " و " ستانلي هوفمان " إلى محاولة اكتشاف طبيعة المعرفة الإنسانية هل هي عقلية أم تجريبية.

مورتن كابلان
ستانلي هوفمان
-       إن تطبيق المنهج الاستقرائي العقلاني يمكّن نظرية العلاقات الدولية من تحديد الشروط لاستقرار النظام الدولي و تحويله إلى الشكل الذي يؤول إليه.

-       دعا إلى مقاربة أكثر تشكيكا تستند إلى البحث التاريخي و التعميمات الاستقرائية .
-       الهدف هو البحث في تشكيل منظومة عبر توظيف الأدوات المنهجية العلمية.
-       رفض بناء فرضيات تجريدية صرفة تقوم على عدد قليل من المسلمات.
-       المعرفة يتوصّل إليها عبر تفحّص التاريخ .
-       وجوب اللّجوء إلى البحث التاريخي النظمي ( القائم على تحليل النّظم) لم يعتقد يوما بأن هذا الحقل سيتحوّل إلى علم.




في سياق النقاش النظري الثاني: حول كيفية جعل حقل العلاقات الدولية علما، تمركز كل من المثاليين و الواقعيين الكلاسيكيين مقابل السلوكيين.

3-  النقاش النظري الثالث:  بين البراديمات الثلاث ( السبعينات و بداية الثمانينات).
-       نهاية الستينات، عقب نجاح الثورة السلوكية في علم السياسة كان أهم مايميز الظروف العالمية آنذاك:
·        حرب الفيثنام
·        مخاطر حرب نووية بين القوتين العظميتين.
مما استوجب الإنتقال من البحث عن أكثر النظريات اتساقا ( من حيث المرجعية و المنهجية) إلى البحث عن اكثر النظريات صدقية إذا ما قورنت بالبيئة العالمية التي تحاول وصفها و تفسيرها.
ظهر هذا النقاش تزامنا مع ظهور " البردايم البنيوي أو النقذي " ليتحول النقاش من نقاش بين افتراضات متنافسة إلى نقاش بين البارادايمات التي ترعاها".

-       البرادايم الواقعي: ذو النظرية الواحدية (مركزية وواحدية الدولة كفاعل): النظام الدولي تتفاعل فيه الدول حسب منطق كرة البيلياردو: فعل و رد فعل: صراع و صدام.
-       البرادايم الليبيرالي: " النزعة التعددية": العالم شبكة عنكبوت: ترابط و اعتماد متبادل......... يقود إلى التعاون لا الصّراع.
-       البرادايم البنيوي: ( الراديكالي، النقذي):  المشهد العالمي أخطبوط متعدد الأطراف " النيوماركسية( بلدان الشمال) المركز تمتص ثروات دول المحيط الضعيفة (الجنوب).

البنيوية

التعددية

الواقعية
ملاحظة:  إستخذام "البارادايم" كان شائعا في تلك الفترة ( نجاح رؤية توماس كون) و لهذا يستساغ استخذام المصطلح عند الحديث عن النقاش الثالث على الرغم أن هذه النظريات الثلاث ستصطف كلها ضمن البرادايم الوضعي مقابل البرادايم التأملي و البنائي. هذه النظريات تختلف عن بعضها في أسس بنائها النظري: الفواعل، طبيعة الديناميكيات الدولية، المتغيرات التابعة و الحدود الواجب رسمها للحقل المعرفي للعلاقات الدولية . كما ينظر البعض إلى أن هذا النقاش إديولوجي محض( نيكولاس رينجر).
                                              


                                                                                                          
المحافظة                                         الليبيرالية                                        الإشتراكية


أظهر هذا النقاش عدم وجود أرضية معرفية محايدة لتقسيم المخرجات النظرية.
في المقابل اثبث الزمن فيما بعد: تراجع الرؤى القائلة بأن قوّة التخصّص في وحدته و انسجامه، مقابل هذا فقد فرض النقاش النظري الثالث : إمكانية التعايش بين برامج بحثية او برادايمات مختلفة لكل منها زاوية نظر خاصة.

4-  النقاش النظري الرابع:  مع بداية الثمانينات و ظهور تحدّي برادايمي أخطر متمثل في النزعة " ما بعد الوضعية"، استوجب على " النيو واقعية" و " النيو ليبيرالية" احداث إتصال منظوراتي يمكنهما في إطار البيت العقلاني من التصدي للإنتقاذات الموجّهة للنموذج الوضعي.
لقد ساهم النقاش الثالث في خلق الطرف الأول في النقاش الرابع عبر تشكيل التوليفة " نيو- نيو واقعية"+ نيو ليبيرالية، و التي أخذت تبحث عن خصم جديد " ضعيف"، بعد القيام بمؤامرة يستبعد من خلالها الخصم العقلاني التقليدي – البنيوي- النيو ماركسي عام 1988 يقول روبرت كيوهان " إن المشهد الاكاديمي حاليا يهيمن عليه برنامجان للبحث: برنامج البحث العقلاني الذي يتضمن التوليفة " نيو- نيو" مقابل برنامج البحث "التأملي" أي الوضعية و مابعد الوضعية ".

تعليقات