حروب المستقبل: كيف تحافظ الولايات المتحدة الأمريكية على تفوقها العسكري في عصر الذكاء الاصطناعي؟

www.elsiyasa-online.com
حروب المستقبل:  كيف تحافظ الولايات المتحدة الأمريكية على تفوقها العسكري في عصر الذكاء الاصطناعي؟
كريستيان بروس

  ترجمة: محمد محمود السيد - باحث في العلوم السياسية

منذ فجر التاريخ كانت القوة الصلبة (Hard Power) هي العمود الفقري الذي يستند إليه أي فاعل سياسي، حيث ينشد الجميع امتلاك قوة عسكرية هائلة ومتطورة، وكانت الجيوش تسعى إلى تطوير أدوات الحرب. ولهذا، يمنح ظهور أداة قتالية جديدة (اختراع العجلات الحربية في الماضي السحيق، واختراع البارود في العصور الوسطى)، أو أساليب متطورة لإدارة الجيوش وساحات المعارك؛ أصحابها الهيمنة العسكرية لفترات زمنية طويلة، التي قد تمتد لعقود أو قرون.
ومثلما كان القرن الماضي شاهدًا على التطور التكنولوجي الهائل للمجتمعات البشرية؛ فإنه شهد أيضًا تطورات متلاحقة في أدوات الحرب وتقنياتها، وقد كانت الحربان العالميتان الأولى والثانية، ومن بعدهما الحرب الباردة، حافزًا للعقل البشري على إحداث ثورة في الشئون العسكرية، ليس فقط لتحقيق الانتصارات العسكرية في ساحات القتال، ولكن لخلق قوة الردع التي تمنع نشوب الحروب من الأساس.
وفي اتجاه مغاير لتيار يرى أن الولايات المتحدة مع انتهاء الحرب الباردة لا تزال القوة العسكرية المهنية عالميًّا، وأنها تتفوق على منافسيها، يعتقد "كريستيان بروس" (الخبير في الشئون العسكرية الأمريكية) أن تطور التقنيات والفكر العسكري الأمريكي قد توقف عند مرحلة زمنية معينة، حيث عانى الجيش الأمريكي في حروبه الأخيرة. فعلى الرغم من أنه لم ينهزم بالمعنى العسكري، إلا أن جيوشًا وجماعات عسكرية ذات إمكانيات محدودة تمكّنت من إلحاق خسائر مادية وبشرية ضخمة به.
يُناقش "بروس" هذه المعضلة في مقالته التحليلية المعنونة "الثورة الجديدة في الشئون العسكرية: مستقبل حرب الخيال العلمي" في العدد الأخير عن شهر مايو/يونيو من دورية "الشئون الخارجية Foreign Affairs"، وفيها يضع تصورًا لشكل الجيوش، والحروب المستقبلية، وفقًا للإمكانيات التكنولوجية والتقنية التي تمتلكها البشرية حاليًّا، كما يضع يده على موضع الخلل في الصناعة العسكرية الأمريكية، ويطرح حلولًا لعلاجها.
تصورات حول جيوش المستقبل
يرى "بروس" أن الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات التكنولوجية الناشئة ستغير طريقة خوض الحروب، لكنها لن تغير طبيعتها، حيث ستظل كما هي دائمًا: عنيفة، وذات دوافع سياسية. وتتكون من ذات الوظائف الأساسية الثلاث التي يتعلمها المجندون الجدد في التدريب الأساسي: الحركة، وإطلاق النار، والتواصل.
ويُشير إلى أن الحركة في الحرب تستلزم التناوب بين عمليتي الاختباء والبحث، وكذلك بين عمليتي الاختراق والصد، لكن التقدم التكنولوجي سيجعل عمليات الاختفاء والاختراق أكثر صعوبة، إن لم تكن مستحيلة. ويُضيف أن كمية البيانات التي يتم إنشاؤها بواسطة الأجهزة المتصلة بالإنترنت في طريقها لأن تصبح 3 أضعاف في الفترة بين عامي 2016 و2021. والأهم من ذلك، هو انتشار أجهزة الاستشعار التجارية منخفضة التكلفة، التي يمكنها اكتشاف المزيد من الأشياء بشكل أكثر وضوحًا عبر مسافات كبيرة.
وبعدما كان العالم يسير في اتجاه الحروب عن بعد، وعدم الميل للتواجد المادي الكثيف في ساحات المعارك؛ يعتقد "بروس" أن عقارب الساعة ستعود إلى الوراء مُجددًا. فالتقدم التكنولوجي مكّن العالم من توليد أنظمة حركة ذات أحجام أصغر وبتكاليف أقل وذاتية التشغيل، وقادرة على السفر إلى مسافات أبعد وبسرعات أكبر. ويتنبأ بأن المستقبل القريب قد يشهد ظهور عشرات السفن (التي تشبه القوارب الصاروخية) وتعمل بشكل ذاتي، أي تكون جاهزة للضرب مع ظهور الأهداف مباشرةً.
ويُضيف، ستعمل التكنولوجيا أيضًا على حل أكبر معضلات الجيوش في الحروب التقليدية، وهي القدرات اللوجستية (القدرة على تزويد الجيوش بالطعام والوقود وجلب جنود جُدد وترحيل المصابين)، حيث ستتمتع الجيوش الحديثة بأكبر قدر من الإدارة الذاتية، بحيث تحتاج إلى وقود أقل، وربما لا تحتاج إلى طعام على الإطلاق. ويذكر أن أساليب التصنيع المتقدمة، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، ستُقلل من الحاجة إلى شبكات لوجستية عسكرية واسعة ومحفوفة بالمخاطر ومُكلفة، وذلك من خلال إنتاج السلع المعقدة في نقطة الطلب بسرعة وبتكلفة رخيصة وبسهولة.
ويشير "بروس" إلى أن انخراط التكنولوجيا في الحروب سيصل إلى مرحلة إطلاق النيران، والتي ستتغير بشكل جذري، بالمعنيين الحرفي والمجازي. فمن ناحية، ستصبح الهجمات الإلكترونية -من تشويش على الاتصالات وغيرها من الهجمات على برامج النظام- بنفس أهمية الهجمات التي تستهدف الأهداف العسكرية، إن لم تكن أكثر أهمية.
ومن ناحية أخرى، سوف يتسارع معدل إطلاق النار أو مدى سرعة إطلاق النار في ساحات المعارك، وذلك بفضل التقنيات الجديدة، مثل الليزر وغيرها من الأسلحة الموجهة. ولكن الطفرة الحقيقية ستنشأ بفعل أنظمة ذكية ستعمل على تقليل الفترة الزمنية بين وقت تحديد الأهداف ووقت مهاجمتها. ويذكر "بروس" أننا قد شهدنا ذلك بالفعل في أوكرانيا في عام 2014، حيث تمكنت الطائرات الروسية بدون طيار من اختصار عدة دقائق بين الوقت الذي تكتشف فيه القوات الأوكرانية ووقت قصف مدفعيتها الصاروخية الدقيقة لتلك القوات على الخريطة.
فجيوش المستقبل -وفقًا لبروس- ستكون قادرة على إطلاق النار بكثافة أكبر من تلك الموجودة اليوم، بسبب الذخائر التي تفوق سرعة الصوت (حيث تتعدى سرعتها خمسة أضعاف سرعة الصوت)، والأسلحة الفضائية القادرة على ضرب أهداف في أي مكان في العالم على الفور تقريبًا.
كذلك، ستكون الجيوش قادرة على مهاجمة الملاذات الآمنة، مثل الشبكات الفضائية واللوجستية. ويضيف "بروس" أنه لن تكون هناك مناطق خلفية أو ملاذات آمنة بعد الآن. فالقدرة على امتلاك الأنظمة العسكرية ذات الكفاءة النوعية والكميات الضخمة ستكون له آثار مدمرة، خاصة وأن التكنولوجيا تجعل الحمولات الفتّاكة أصغر حجمًا.
وعلى نطاق آخر، فإن الطريقة التي تتواصل بها الجيوش ستتغير جذريًّا، ولن تنجو شبكات الاتصالات التقليدية في المستقبل. ويشير "بروس" إلى أن أهمية القيادة المركزية في عمليات الاتصال سوف تختفي، وسيكون كل نظام قادر على معالجة المعلومات التي يجمعها بشكل مستقل، دون الاعتماد على مركز قيادة، مما يجعله أكثر مرونة حركيًّا في أرض المعركة.
وفي المستقبل، عندما تصبح أنظمة الاتصالات أكثر استقلالية، سيكون بإمكان شخص واحد تشغيل أعداد أكبر منها بمفرده. وبالعودة إلى مراسم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018 في كوريا الجنوبية، فقد شهدت استعراضًا شاركت فيه 1218 طائرة بدون طيار ذاتية التحكم، ومزودة بأضواء لتشكيل صور معقدة في سماء الليل فوق مدينة "بيونغ تشانغ". وفي هذا الصدد يقول: "الآن تخيّل استخدام أنظمة التشغيل الذاتي هذه لتتغلب في ساحة معركة حقيقية على حاملة طائرات ضخمة، وتحويلها إلى رماد".
جمود الفكر العسكري الأمريكي



منذ نهاية الحرب الباردة، اعتمدت الولايات المتحدة في تطوير قدراتها العسكرية على سلسلة من الافتراضات حول كيفية تطور النزاعات ضد القوى الإقليمية المناوئة لسياساتها، حيث يفترض الجيش الأمريكي أن قواته ستكون قادرة على التحرك دون عوائق إلى مواقع أمامية لدى العدو، وأنها ستكون قادرة على بدء أعمالها العسكرية في الوقت الذي تختاره. وهي تفترض أن قواتها ستعمل في بيئات متساهلة، وأن أعداءها لن يكونوا قادرين على تحجيم تحركاتها. 
وكذلك يفترض الجيش الأمريكي أن أي ميزة كمية قد يمتلكها العدو سوف يتم التغلب عليها من خلال القدرات الأمريكية الفائقة على التخفي واختراق الدفاعات الحصينة وضرب الأهداف. ومما سبق، تفترض القوات الأمريكية دائمًا في أي حرب تخوضها أنها ستعاني من خسائر محدودة للغاية.
وقد أدّت هذه الافتراضات إلى تأسيس قوات أمريكية تعتمد على أعداد صغيرة نسبيًّا من أنظمة كبيرة الحجم، وهذه الأنظمة غالبًا ما تكون مُكلِّفة ويصعب استبدالها، وكذلك مُصمَّمة للاقتراب بشكل كبير من خطوط العدو الأمامية، لتُطلق النيران بعدد محدود من المرات ولكن بدقة فائقة، دون أن يتم الإمساك بها. ويذكر "بروس" أن "طائرات الشبح" الأمريكية التي اخترقت سماء بلجراد وبغداد خير مثال على ذلك.
ويرى "بروس" أنه على مدار العقدين الماضيين، وبينما ركزت الولايات المتحدة على خوض الحروب في الشرق الأوسط؛ فإن منافسيها -خاصة الصين وروسيا- قاموا بتشريح الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية، للوقوف على نقاط ضعفها واكتشاف سبل التغلب عليها، ثم قاموا بإرسال كميات كبيرة من الأسلحة بملايين الدولارات لتدمير الأنظمة العسكرية الأمريكية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
وعلى جانب آخر، بدأت الصين في العمل على المشروعات الضخمة المُصمَّمة لوضعها كرائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المتقدمة. ولا تستهدف هذه المشروعات الجهود العسكرية بشكل حصري، ولكن لكل من هذه المشروعات الضخمة تطبيقات عسكرية تفيد الجيش الصيني.
كل هذه التفاصيل -من وجهة نظر الكاتب- تكشف عن أن الوضع العسكري للولايات المتحدة يتدهور بسرعة. فوفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة "راند" عام 2017، فإن "الجيش الأمريكي سيخسر حربه القادمة التي سيكون مضطرًّا لخوضها". وفي العام نفسه، أطلق الجنرال "جوزيف دانفورد"، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ناقوس الخطر بعبارات صارمة: "في غضون بضع سنوات، إذا لم نغير مسار عملنا، سوف نفقد ميزتنا التنافسية النوعية والكمية".
ويضيف "بروس" أن ما سبق قد يكون خطيرًا للغاية على مستقبل الولايات المتحدة، لكن الخطورة الأكبر تكمن في تآكل قوى الردع التقليدية لدى واشنطن. ويذكر إذا ما اعتقد القادة في بكين أو موسكو أنهم قد يفوزون في حروب عسكرية مستقبلية ضد الولايات المتحدة فإن روح المغامرة والمخاطرة سوف تتحكم في سياساتهم. وسيظهر هذا الأمر بوضوح من خلال "التحرش" السياسي -وربما العسكري- بحلفاء واشنطن للتشكيك بقدرتها على حمايتهم، وإذا ما كانت قادرة حقًّا على إرسال جيشها للدفاع عن دول البلطيق أو الفلبين أو تايوان أو حتى اليابان أو كوريا الجنوبية.
كما سيعمل أعداء واشنطن (يقصد الكاتب روسيا والصين بشكل أساسي) على تقوية مجالات نفوذهم، والتدخل في شئون البلدان الأخرى، واستخدام أدوات الدبلوماسية القسرية والابتزاز الاقتصادي. بمعنى آخر، سيحاولون، وفقًا لتعبير الخبير الاستراتيجي العسكري "سون تزو"، "الفوز دون قتال".
مستقبل الهيمنة العسكرية الأمريكية
يدعو الكاتب مُخططي الدفاع في الولايات المتحدة للبدء في اعتماد افتراضات أكثر واقعية، والتخلي عن أساليب التفكير القديمة، حيث يجب أن يفترضوا أن القوات الأمريكية ستقاتل في بيئات متنازع عليها بشدة ضد خصوم متقدمين تقنيًّا، ومن غير المرجّح أن يتجنبوا ضربات العدو دائمًا. كذلك من المحتمل أن يخسروا أعدادًا كبيرة من الأنظمة العسكرية في القتال. لذلك، يجب على واشنطن أيضًا التخلي عن فكرة أن التحديث العسكري هو مجرد استبدال المنصات العسكرية التي اعتمدت عليها منذ عقود (مثل الطائرات المقاتلة وناقلات الطائرات) بنسخ أفضل منها، لأن جيوش المستقبل تعتمد على جودة برامجها وتميز ذكائها الاصطناعي.
وبناءً على ذلك فإن تأسيس الجيش الأمريكي المستقبلي سيكون قائمًا على الافتراضات التالية:
أولًا: سيتكون من أسراب كبيرة من آلات وأنظمة عسكرية صغيرة، والتي ستمتلك القدرة على الاستشعار والحركة وإطلاق النار وإجراء الاتصالات بكفاءة أعلى من البشر. مثل هذا النهج من شأنه أن يفرض تكاليف باهظة على المنافسين، حيث إنهم لن يكونوا قادرين على التركيز على بعض الأهداف الكبيرة، وسيحتاجون بدلًا من ذلك إلى استهداف وحدات كثيرة على مساحات أكبر.
ثانيًا: ستكون هذه الآلات والنظم رخيصة الثمن ويسهل استبدالها، بحيث يمكن تحمل خسائر كبيرة في القتال، بل وتعويضها، مما يجعل إطالة أمد المعارك في صالح الجيش الأمريكي.
ثالثًا: ستكون هذه الأنظمة ذاتية التشغيل ولا تحوي بداخلها على العنصر البشري، وذلك لتكون مقبولة أخلاقيًّا، حيث سيتم حفظ حياة البشر، وستُدفع الآلات رخيصة الثمن بدلًا منهم إلى ساحات المعارك. هذه الصيغة ستمنح البشر الوقت والقدرة على إدارة ساحات المعارك الحديثة بسرعة وكفاءة كبيرة، كما أن خروجهم من دوائر العنف والانتقام العسكري ستجعلهم يهتمون أكثر بأخلاقيات الحرب وجدواها ونتائجها للبشرية بشكل عام.
ويشير "بروس" إلى أن بناء هذا النوع من الجيوش أصبح ممكنًا من الناحية التكنولوجية، خاصة وأن الولايات المتحدة تمتلك -بالفعل- عددًا من البرامج قيد التطوير، والتي تهدف إلى تحقيق مثل هذه القوة المستقبلية. ويرى أن هذه القوة ستمنح واشنطن النصر العسكري في أي معركة تخوضها ضد أي خصم، لأنها ستكون الأقدر على تحمل الخسائر واستبدالها بشكل أسرع وأرخص، وهو الأمر الذي سيوّلد مع الوقت قوة ردع قوية، ربما تمنع نشوب الحروب من الأساس.
ثم يعود "بروس" ويؤكد أن هناك محاذير أخلاقية قد تحيط بهذه الثورة العسكرية المأمولة في المستقبل، ولكن إذا فشلت الولايات المتحدة في عبور عتبة المرحلة الحالية، فإن ذلك لن يكون لأسباب أخلاقية، ولكن بسبب العقلية الإدارية المنتشرة في مؤسساتها.
ويُوضّح "روبرت جيتس"، وزير الدفاع الأمريكي السابق، في مذكراته هذا الأمر؛ حيث يذكر أن الإدارات العسكرية تقوم بوضع ميزانياتها كل خمس سنوات، ومعظم برامج المشتريات تستغرق سنوات عديدة -إن لم تكن عقودًا- بدايةً من اتخاذ القرار ووصولًا إلى التسليم. لذلك تُكرِّس كل إدارة عسكرية كافة حيلها البيروقراطية للحفاظ على تلك البرامج وتمويلها. وقد انضمت إليهم في تلك الجهود الشركات التي تبني هذه المعدات، وجماعات الضغط في واشنطن التي تستأجرها تلك الشركات، وأعضاء الكونجرس الذين تقع تلك المصانع في ولاياتهم أو مقاطعاتهم. لذلك فإن أي تهديد لتلك البرامج طويلة الأجل ليس موضع ترحيب على الإطلاق.
ويدّعي الكاتب أنه في بداية دخول هذه التقنيات المتقدمة إلى الصناعة العسكرية الأمريكية، لن تكون هناك عقبات، لأنه خلال هذه المرحلة الانتقالية ستعمل التقنيات المتقدمة على دعم الأنظمة التقليدية بدلًا من استبدالها، وبذلك لن يرى فيها أصحاب المصالح تهديدًا.
ولكن مع مرور الوقت، ستظهر جيوب المقاومة لهذه التقنيات، من قبل الطيارين العسكريين ومُسيرِي السفن، الذين سيفقدون وظائفهم لصالح الآلات، وكذلك من الشركات التي تُنتج بالفعل الأنظمة التقليدية، وسينتقل هذا السخط بالضرورة إلى أعضاء الكونجرس الذين سيعملون على إعاقة هذا التغيير.
وأخيرًا، يشير الكاتب بوضوح إلى أن الأزمة الرئيسية في الولايات المتحدة هي "الافتقار للخيال"، حيث يعتقد القادة الأمريكيون أن دولتهم لا يمكن أن تُزاح كقوة عسكرية من على رأس النظام الدولي، وبالتالي ليس لديهم الرؤية أو الشعور بالإلحاح اللازم لتغيير الوضع الراهن. 
ويرى "بروس" أنه إذا استمر هذا الفكر فسيتلاشى أي أمل في التغيير، إلا في حالة وقوع فشل كارثي، مثل هزيمة الجيش الأمريكي في حربٍ كبرى، وربما بحلول ذلك الوقت يكون قد فات الأوان لتغيير المسار.
المصدر:
Christian Brose, "The New Revolution in Military Affairs: War’s Sci-Fi Future", Foreign Affairs, Vol 98, issue. 3, May/June 2019, p. 122-134.
تعليقات