الفرق بين المقاومة والإرهاب



الفرق بين المقاومة والإرهاب
الفرق بين المقاومة والإرهاب


سيف مجيد حياد العيساوي


لقد تعمد الغرب وعلي رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ‍تتهرّب من وضع تعريف للإرهاب ليتسنى لها في أيّ وقت تشاء وتريد أن تطلق على حركات المقاومة بل على الدول التي لا تخضع لسياستها والخارجة عن إرادتها بأنها إرهابية وللوقوف ‍على الفرق بين الإرهاب والمقاومة ووصف حركات المقاومة ‍زوراً وبهتاناً ‍بأنها حركات إرهابية فيما يلي توضيح الفرق بين مفهومي الإرهاب والمقاومة.

أولاً :- المقاومة :

يطرح مفهوم المقاومة سياسيا عندما تقع ‍جغرافية وشعب ما تح‍ت الاحتلال والذي يعمل على مصادرة هذا الشعب وحقوقه الطبيعية علي
أرضه،لنهب ثرواته وتحويله شيئا فشيئا إلي تابع. فالمقاومة هي ‍الكفاح ضد القمع ‍الأجنبي والظالم، والمقاومة من أجل البقاء والكرامة والحق ‍المشروع (١)
وقد شاع استخدام لفظة المقاومة في اللغة العربية بعد نكبة فلسطين عام 1948 م (٢) ويرادف هذا المصطلح لفظة الجهاد، ‍الذي ساد مع انتشار ‍الإسلام ‍، ورغبة المسلمين في نشر الدعوة، فالمقصود بالجهاد دفع الضرر‍ والظلم عن الأمم ورفع كلمة الإسلام (٣). أما في العصر الراهن، فإن مفهوم المقاومة أصبح يتضمن ‍معان متعددة فهي بمثابة الدفاع ‍الشامل : سياسي، دبلوماسي، اقتصادي، ثقافي، مدني، وعسكري، وبما أن الدفاع والمقاومة هو أساس الدولة ومن مـسـؤوليـاتها، فـكل قطاع ​1 من حياة الدولة يتوجب عليه تحمل ‍قسط‍ من المسؤولية (٤).

ثانياً :- الإرها‍ب :

الإرهاب هو الخَلق المتعمد للخوف واستغلاله في تحقيق التغيير السياسي. وبالتالي فهو دون شك شكل من أشكال الحرب النفسية.
الإرهاب بطبيعته يرمي لإحداث آثار نفسية بعيدة المدى بشكل يتجاوز الضحايا المباشرين وما استهدفه عنفهم. فالإرهاب يرمي إلى غرس الخوف في داخل النفوس وبالتالي إلى إرهاب المجموعة التي يستهدفها الإرهابيون
والتأثير على سلوكها وتختلف هذه المجموعة المستهدفة وفقا لاختلاف أهداف الإرهابيين ودوافعهم وأغراضهم. وقد تشمل حكومة قومية أو حزبا سياسيا أو مجموعة إثنية أو دينية منافسة أو دولة كاملة ومواطنيها أو الرأي العام العالمي. وقد يكون هدف الهجوم الإرهابي قطاعا محدداً من جمهور معين، أو أنه ربما يكون قد خُطط بحيث يستهدف قطاعات
وجماهير متعددة.
فالإرهاب يقصد به القتل وترهيب المدنيين العزل ‍بدافع عقائدي والممارسة ضغط سياسي ديني أو عنصري يصدر عن مجاميع أو
تنظيمات متشددة بشكل علني وتكون التضحية بأرواح الفاعلين (5) فهو يعني الاستعمال العنف المنظم ‍بغرض الوصول الى هدف سياسي للضغط على المواطنين وخلق ‍مناخ من انعدام الأمن (6) أن الجذور التاريخية ‍للإرهاب حيث يعود إلى العصر الروماني من قبل جماعات اغتيال يهودية سرية ‍تقتل الناس بالفأس (7) ومن هنا يمكننا القول إنه لم تعد الجماعات ‍الإسلامية المتشددة هي مصدر العنف الديني، بل تعددت مصادره، ‍فالإرهاب الأعمى لا يعرف ديناً ولا وطناً ‍،‍حيث اثبت‍ اليمين المتطرف‍ في الدول الأوربية ‍نه أخطر
من الجماعات ‍الإسلامية المتعصبة، فجماعات اليمين المتطرف تدعو إلى استخدام العنف ‍السلاح لفرض الأفكار والتقاليد والقيم، إلى ذلك أي ​2 اليمين المتطرف متعصب قوميا أو ديني وأصبح المحور الهام في برنامج
الأحزاب‍ اليمين (8) فالإرهاب ليس له دين او ملة، والدليل على ذلك العمليات التي يقوم بها بعض اتباع اديان ومذهب اخرى كما في الهند او بعض دول افريقيا المسيحية.

الخاتمة والاستنتاجات:

سبل التجنب الخلط بين المقاومة والإرهاب حيث أن ‍تجنب الخلط بين الإرهاب و المقاومة يفرض وضع تعريف دقيق وشامل
للإرهاب من قبل الجماعة الدولية حتى لا يتم استعماله من قبل الدول الكبرى كوسيلة للهيمنة و السيطرة، وتفسيره حسبما يخدم مصالحها
دون أدنى اعتبار للأضرار الجسيمة التي يمكن أن تلحق الشعوب من جراء الأعمال ‍العدائية يتوجب أيضا التحلي بروح المسؤولية من قبل أعضاء المجتمع الدولي و التعاون على مكافحة الأعمال الإرهابية والقضاء على التنظيمات الإرهابية، وتسليم المجرمين في إطار التعاون القضائي لمحاكمتهم وتسليط أشد العقاب ‍عليهم إضافة إلى ضرورة المصادقة على المواثيق الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب ونشر ثقافة الوعي عبر وسائل الإعلام و شبكات التوصل الاجتماعي حول شرعية أعمال المقاومة التي تقوم بها حركات التحرير ضد الاستعمار و الأعمال الإرهابية المرتكبة من قبل المنظمات والجماعات المسلحة غير ‍نظامية. هنا‍ك اختلاف
جوهري بين المقاومة و الإرهاب حيث تعتبر المقاومة عمليات قتال تقوم بها عناصر وطنية من غي أفراد القوات المسلحة النظامية دفاعا عن المصالح الوطنية ض الاحتلال سواء كانت العناصر تعمل في إطار تنظيم يخضع لإشراف و توجيه سلطة قانونية أو واقعية أو بناء على مبادرتها الخاصة سواء باشت النشاط فوق الإقليم الوطني أو من قواعد خارج هذا الإقليم، ويعتبر الكفاح المسلح أحد أساليب المقاومة التي تعتبر هي الأخرى أسلوبا للحركات التحريرية تدافع بها عن حق الشعوب في إقرار ​3 مصيرها وحماية سيادتها، في حين نجد أن الإرهاب هو استخدام غير شرعي للقوة بقصد الحصول على أهداف معينة سياسية أو غير سياسية، ويدين القانون الدولي الإرهاب ويدعو الدول إلى الامتناع عن تأييد النشاطات الإرهابية ومساعدتها ومكافحتها بشتى الوسائل، بينما حق المقاومة من أجل تقرير المصير مشروع دوليا ومعترف به وفقا لميثاق الأمم المتحدة الذي يعد أحد الأهداف الأساسية للمنظمة.

المراجع:

(1)مصطفى شريف: ثقافة السلم ، ليتعلم الشباب الحوار، دار
هومة، الجزائر، 2013 ،ص ‍٢٠١.
(2)المرجع نفسه،ص 200.
(3)المرجع ‍نفسه‍، ‍ص 55.
(4)ماجدة حمود : إشكالية ‍الأنا و الآخر‍، نماذج روائية عربية، عالم
المعرفة، الكويت، 2013 ،ص ‍٢٢٥.
(5) مها يونس، مجلة العربي، العدد: 668 ،وزارة ‍اإلعالم‍، الكويت،
2014 ،ص194.
(6)عبد هللا المنصور: جدل ‍الإرهاب و المقاومة بين إيديولوجية
العقيدة و إيديولوجية الهيمنة، دار النشر المغربية، ‍المغرب، ط
1 ،2006 ،ص 15.
(7)المرجع نفسه‍، ص١٦.
(8)مها ‍يونس، ‍مجلة العربي ‍مصدر سبق ذكرة، ‍ص١٩٤



تعليقات