هاجر خلالفة
تمثل النزاعات السمة الممیزة لواقع العدید من الدول في العالم نتیجة استفحالها بها لأسباب عدیدة ومختلفة، إلا أن ما میز النزاعات في العصر الحدیث وسیما في فترة ما بعد الحرب الباردة هو التحو ل الحاصل في بنیتها إذ انتقلنا من الحدیث عن نزاعات بین الدول إلى نزاعات جدیدة داخل الدول نفسها والقائمة على اعتبارات قیمیة ثقافیة بالأساس. إن هذا التحول الحاصل في بنیة وطبیعة النزاعات صاحبه تعقد أكثر في عملیات ادارتها وحلها إلا أنه لم یمنع مختلف الجهات والفواعل من محاولة التحكم فیها وایجاد سبل كفیلة لإنهائها وهو ما شهده البعض منها أین ا نتقلت الدول التي عانت منها إلى مراحل جدیدة لإعادة بناء نفسها على كافة المستویات.
تعتبر افریقیا القارة الأكثر معاناة من ظاهرة النزاعات مقارنة بغیرها من القارات ومرد ذلك هو مركب الطابع الإثني ا- لقبلي الممیز للعدید من دول وا ها قترانه بالمشاكل الحدودیة الحاصلة بینها، اضافة إلى مشاكل تقاسم وتوزیع الثروات الطبیعیة وهو ما یشكل تولیفة معقدة تجعل من النزاعات الحاصلة بها من الصعب التحكم فیها، وتكمن الصعوبة الأكبر في ایجاد أرضیة مشتركة بین الخصوم لإیجاد حلول توافقیة والإتجاه نحو مرحلة جدیدة تطرح هي الأخرى معطیات نوعیة وتتطلب آلیات ومیكانیزمات لإرسائها، كما تستدعي تظافر الجهود المختلفة للقیام بمختلف العملیات المرتبطة بها . یطلق على المرحلة التي تلي انتهاء النزاع في أي دولة مرحلة بناء السلام، هذه المرحلة التي لا تقل أهمیة عن مرحلة النزاع نتیجة للتحدیات التي تعترضها والمتطلبات التي تستدعیها والمجالات والمستویات ٕ عادة بنائها نتیجة لتدمیرها الكلي أو الجزئي أثناء النزاع، بالإضافة إلى متغیر مهم جدا الواجب التدخل فیها وا وهي الفواعل المتدخلة بها والمسؤو لة عن الإلتزام بإعادة الإعمار واعادة بناء الدولة ومؤسساتها، ومختلف الهیاكل سیما تلك المتعلقة بالبنیة التحتیة.
إن تعقد وتشعب عملیات بناء السلام في مرحلة بناء السلام هو ما فتح المجال لضرورة تدخل العدید من الفواعل الرسمیة وغیر الرسمیة من أجل المشاركة في إدارة وتنفیذ مختلف العملیات التي تتطلبها هذه المرحلة سیما وأن الدولة الوطنیة في هذه المرحلة تكون غیر قادرة على ممارسة كل أو بعض وظائفها نتیجة للدمار الذي لحق بمؤسساتها، بالإضافة إلى اشكالیة ممارسة السلطة فعادة ما تفرز النزاعات حكومات جدیدة و صناع قرار جدد، وبذلك یصبح من الضروري الإستعانة بفواعل أخرى تكون في الغالب خارجیة ممثلة في الهیئات والمؤسسات الدولیة بشقیها الحكومیة وغیر الحكومیة.
إن ما میز مختلف الفواعل المتدخلة في عملیات بناء السلام لعقود طویلة هو الطابع الذكوري لها، ونتیجة للتحولات التي عرفتها الدراسات الأكادیمیة للسلام والنزاع، والتطورات التي صاحبت حقوق المرأة، وتنامي الأصوات والجهات التي تهتم بالدراسات الجندریة ظهرت الحاجة لضرورة ادماج المرأة في مختلف المجالات وسیما تلك المتعلقة بالسلام، معتمدة في ذلك على دراسات وأبحاث تثبت أنه یمكن للمرأة أن تمارس أدوار ا تضاهي أدوار الرجل لا بل الأكثر من ذلك أنه یمكن للمرأة أن تقدم اسهامات وتحقق نتائج في مجال احلال السلام قد یعجز الرجال عن تحقیقها ویرجع ذلك للخصوصیات والسمات الممیزة للمرأة دون الرجل. وبذلك من المهم الإشارة إلى أن عملیات بناء السلام من منظور جندري تسلط الضوء على شق جدید وجانب مهم تم اهماله كثیرا فإضافة إلى وجود الرجل ودور الرجل فهناك المرأة التي بالإضافة إلى أدوارها التقلیدیة المرتبطة بالمنزل نجد لها أدوار جدیدة ونوعیة یمكن أن تمارسها في مجالات عدیدة التي تعتبر مرحلة بناء السلام احداها.
الإشكالية:
إلى أي مدى یمكن لمقاربة الجندر المساهمة في تحسین أداء عملیات بناء السلام في إفریقیا؟.
محاور الدراسة: