مقاربات السياسة الخارجية بين الهيمنة و التعددية: دراسة لحالات: المانيا، الصين و روسيا |
مصطفى بوصبوعة
يعتبر سؤال التعددية والهيمنة من بين أهم الأسئلةالتي طرحت في حقل العلاقات الدولية، و الذي بات يطرح في حقل السياسة الخارجية كحقل فرعي. في هذا الإطار، تصبو هذه الدراسة إلى الإجابة عن الإشكالية التالية:
هل يعتمد التفسير والتنبؤ بالسياسات الخارجية الألمانية والصينية والروسية لفترة ما بعد الحرب الباردة على مقاربة نظرية واحدة مهيمنة أم على منظور تعددي متكامل؟.
وذلك من خلال دراسة حالات كل من ألمانيا، الصين وروسيا. هذه الدول على اختلاف موقعها في سلم النظام الدولي و اختلاف أنظمتها السياسية وانتماءاتها الثقافية والحضارية. تتفق من حيث خضوعها لتحولات كبيرة يمكن وصفها بالجدرية بعد نهاية الحرب الباردة خاصة في الحالتين الألمانية والروسية، وتتفق من حيث توصيفها من قبل الواقعيين الهجوميين بالدول غير الراضية عن الوضع القائم.
إن الإجابة عن سؤال التعددية والهيمنة في دراسة الحالة كجزئيات متفرعة عن السؤال الرئيس؛ يحيلنا إلى الإجابة عن سؤال التعددية والهيمنة في الحقل، من خلال الإختبار الجزئي لحالات الدراسة تبين أن اعتماد المقاربات النظرية على متغير تفسيري واحد يقلص من قدرتها التفسيرية والتنبئية، لهذا خلصت الدراسة إلى ضرورة الجمع الإنتقائي التحليل بين العوامل المادية والمعيارية والعوامل الداخلية والخارجية في تفسير مسارات السياسة الخارجية والتنبؤ بها. غير أن الإنحياز المعرفي لنموذج معين للتطور الغائي سواء من ناحية البناء الدولاتي أو تبرير التفوق الحضاري، قد يجعل التعددية تقع في فخ التنوع المفضي في النهاية إلى هيمنة منظورات تعتمد على المركزية الغربية ومركزية الدولة وستفالية المنشأ. لتخطي هذا الإنحياز تؤكد الدراسة على ضرورة تجاوز المركزية الغربية و مركزية الدولة الوستفالية ، من خلال مراعاة السياقات الثقافية المنشئة للبنى المعيارية و المادية و الناتجة عن التفاعل بين الفاعل والبنية ، فبنية التفاعل الألماني مع الإتحاد الأوروبي، تختلف من الناحية الثقافية والتاريخية عن بنى التفاعل الصيني مع آسيا الباسفيك، و التفاعل الروسي مع أسيا الوسطى و القوقاز.