العلاقات الاقتصادية السودانية ـ المصرية 2012-2018

www.elsiyasa-online.com
العلاقات الاقتصادية السودانية ـ المصرية 2012-2018

الزاكي الحلو

توصف العلاقات السودانية المصرية بأنها أزلية ويصرح المسؤولون في الجانبين أنهم مكملون لبعضهما البعض ويشيرون باستمرار إلى قوة العلاقة بين البلدين، ومع ذلك ظلت العلاقة بين البلدين تتدهور ثم تتحسن، وبتتبع تاريخ العلاقة بين البلدين نجد أن هناك العديد من الملفات المشتركة في علاقة الدولتين ببعضهما البعض.
شكّل صعود الاسلاميين لسدة الحكم في السودان في العام 1989 مرحلة مهمة في تاريخ العلاقة بين البلدين، في العام 1995 اتهم النظام المصري حكومة السودان بتدبير محاولة اغتيال فاشلة لحسني مبارك في إثيوبيا، أعقبها تدخل عسكري في مثلث حلايب المتنازع عليه بين البلدين. تصدر ملف مياه النيل وبناء سد النهضة الإثيوبي بالإضافة إلى الإشكال القديم المتجدد “مثلث حلايب” المشهد في السنوات الأخيرة. ولم تخلُ العلاقة بين البلدين من الاتهامات المتبادلة بإيواء العناصر المتمردة من الطرفين حيث اتهمت الحكومة السودانية التي سقطت في “أبريل/نيسان، 2019” النظام المصري بدعم الحركات المسلحة في دارفور.
أما على المستوى الاقتصادي، على الرغم من أن البلدين يعتبران أعضاء في منظمة الكوميسا ويربطهما الجوار الجغرافي واللغة المشتركة والمعابر البرية إلا أن حجم التبادل التجاري لم يتجاوز المليار دولار، في العام 2017 حيث صدر السودان لمصر ما قيمته “540269” ألف دولار، ارتفع في العام 2018 بمعدل نمو بلغ 4% بنك السودان المركزي، الموجز الإحصائي للتجارة الخارجية.
بحكم الجوار الجغرافي والعديد من العوامل المشتركة بين البلدين يعمل عدد من المصريين في السودان يتراوح بين 250-350 ألف عامل يعملون في قطاعات مختلفة. يتركز المصريون في قطاع الإنشاء حيث قدرت نسبتهم في العام 2009 بحوالي 96% من إجمالي العمالة الوافدة التي تعمل في قطاع الإنشاء. أما الجالية السودانية في مصر فإن التقديرات تشير إلى اكثر من مليوني سوداني وحسب المفوضية السامية لشئون اللاجئين يقدر عدد اللاجئين السودانيين في مصر بحوالي 37 الف لاجئ حيث تعتبر مصر محطة للهجرة إلى أماكن أخري. وما تزال مشكلة توافر بيانات رسمية بخصوص أعداد المصريين الموجودين في السودان والسودانيين الموجودين في مصر أحد أبرز معوقات البحث في موضوع العمالة المصرية والسودانية في كل من البلدين.
في ضوء التوتر السياسي الذي اتسمت به العلاقة بين البلدين كان من المتوقع أن يلعب الملف الاقتصادي دورا مقدرا في تلطيف الأجواء السياسية، ظل الملف الاقتصادي أيضا تشوبه بعض التعقيدات، حيث حظر السودان استيراد السلع الزراعية والمنتجات التي تستورد من الجانب المصري في العام 2017 ثم رفع الحظر في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ظل السودان يعاني أوضاعا اقتصادية صعبة منذ انفصال الجنوب في العام 2011 وفقدان أكثر من 70% من عائدات النفط، تعتبر “أزمات الوقود والدقيق والسيولة” أهم المشاكل التي عانى منها الاقتصاد السوداني في العام 2018، شكل العامل الاقتصادي وقودا للحراك السياسي بجانب الانتهاكات السياسية ومصادرة الحريات والاضطهاد السياسي الذي ظلت تمارسه الحكومة السابقة ضد خصومها السياسيين، أما مصر فقد شهدت استقرارا سياسيا نسبيا مع تحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية مقارنة مع السودان.
تتناول هذه الورقة العلاقات الاقتصادية بين مصر والسودان بالتركيز على الفترة “2012-2018″، من خلال استعراض البيانات من البنك الدولي خلصنا إلى النتائج الاتية: نما التبادل التجاري في بعض السنوات وانخفض في سنوات أخرى وظل أقل من التوقعات ومقومات التجارة بين البلدين، ظل الميزان التجاري لصالح مصر حيث كانت تصدر للسودان أكثر مما تستورد منه، يمكن القول إن التجارة بين البلدين تكاملية أكثر من كونها تنافسية، تصدر مصر في الغالب صادرات صناعية، بينما تستورد منتجات زراعية “نباتية وحيوانية” من السودان.
حاولت الورقة تفسير تلك النتائج ومدى اتساقها مع بعض نظريات التجارة الخارجية كنظرية الميزة النسبية ونموذج الجاذبية وشرط تعادل القوة الشرائية. بالإضافة إلى ذلك، حاولت الورقة أيضا أن تربط بين العلاقات الاقتصادية والسياسية وخلصت إلى أن العلاقات السياسية الجيدة تنعكس إيجابا على العلاقات الاقتصادية.



تعليقات