الاقتصاد التركي: أزمات ومسارات

www.elsiyasa-online.com
الاقتصاد التركي: أزمات ومسارات

محمد إبراهيم أبو عليان

في عام 2018، تباطأ الاستثمار الرأسمالي الثابت والإنفاق الاستهلاكي العائلي النهائي بشكل ملحوظ جداً كما حدث تماماً في أزمتي عام 2001 وعام 09-2008. حيث تراجع معدل نمو الإنفاق الاستهلاكي النهائي من 10% إلى 1.1%؛ بينما تراجع معدل نمو الاستثمار الرأسمالي الثابت من 6.6% إلى -3.8% خلال العام 2018. من ناحية أخرى، استمرت السياسة المالية الحكومية التوسعية بشكل غير منضبط، وإن جاز التعبير يمكن القول بشكل مفرط؛ كما أن الإنفاق الاستهلاكي النهائي الحكومي قد زاد بشكل كبير مقارنة بما حدث في الأزمات السابقة. ومن المرجح أن يدخل الاقتصاد في مرحلة انكماش أطول مما حدث في الأزمات السابقة في حال تم تطبيق السياسات النقدية والمالية المُتوقع أن تقوم بها الإدارة الاقتصادية للبلاد، على غرار ما حدث في اقتصاديات دول جنوب أوروبا بعد الأزمة المالية العالمية 2008.



في الفترة الأخيرة دار جدال حول ما إذا كان هناك أزمة حقيقة أم لا.

– على سبيل المثال حدث تحسن في مؤشرات التجارة الخارجية وكانت على النحو التالي خلال العام 2018: زادت الصادرات من 41.13 مليار دولار في الربع الأول إلى 45.06 مليار دولار في الربع الرابع من نفس العام أي بمعدل نمو 10%، بينما تراجعت الواردات من 61.89 مليار دولار في الربع الأول إلى 48.88 مليار دولار في الربع الرابع أي بمعدل تراجع 21%، وبالتالي انخفاض العجز التجاري من 20.75 مليار دولار في الربع الأول إلى 3.81 مليار دولار في الربع الرابع (من احتساب الباحث بالاعتماد على بيانات وزارة الخزانة والمالية). ويمكن تفسير ذلك بأن التراجع في الواردات ناتج عن تراجع الدخل وانكماش النمو الاقتصادي وبالتالي تراجع الاستهلاك العائلي أي الطلب المحلي؛ أما زيادة الصادرات فهو ناتج عن اللجوء للطلب الخارجي بهدف تعويض تراجع الطلب المحلي. وبالتالي فإن الاقتصاد يتجه نحو نقطة توازن جديدة بعد الأزمة في سعر صرف الليرة في النصف الثاني من العام 2018. وبذلك يرى البعض أنه لا يمكن البناء على هذه المؤشرات بأنها تحسن في الاقتصاد بعد أزمة الليرة؛ بينما الرئيس والحكومة غالباً ما يستخدمون هذه المؤشرات للإشادة بالتحسن في الأداء الاقتصادي وأن الأزمة مفتعلة وعابرة.
– ومع مرور الوقت وبداية ظهور البيانات الربعية والشهرية للفترة الماضية أصبح النظر لوجود أزمة اقتصادية تمر بها البلاد في الأوساط السياسية والأكاديمية على حد سواء مقبول إلى حد كبير.
– والسؤال الآن كيف تطورت الأزمة وإلى أي الاتجاهات من الممكن أن يذهب الاقتصاد التركي في ظل هذه الأزمة خلال الفترة القادمة. لذلك سوف نحاول خلال هذه المقالة بالاعتماد على بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي الأساسية أن نوضح كيف يمكن أن تتطور أزمة 2018 استرشاداً بالتطورات التي حدثت خلال أزمتي 2001 و09–2008 والتي مر بهما الاقتصاد التركي في السنوات السابقة.
محتويات الدراسة:

أولاً: معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.

ثانياً: اتجاه الاقتصاد التركي في ظل الأزمة الحالية.

الخاتمة.


تعليقات