تحديات متزايدة … مستقبل الاقتصاد في ظل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الامريكية والصين

www.elsiyasa-online.com
تحديات متزايدة … مستقبل الاقتصاد في ظل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الامريكية والصين
سارة ناصح

تتصاعد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم وهما أمريكا والصين، حيث بدأت واشنطن حربها بسبب نمو الصين الأقتصادي وسعيها لتدشين مشروعات ضخمة ستؤدي إى احداث طفرة اقتصادية داخلها، ومن أبرزها “صنع في الصين 2025” و “حزام واحد.. طريق واحد” الذان يهدفان بصورة اساسية إلى تطوير الصناعات التكنولوجية وفتح اسواق جديدة لتسويق المنتجات الصنيية.
مفهوم الحرب التجارية:
تعني الحرب التجارية فرض رسوم جمركية بين دولتين أو أكثر بهدف تحقيق منافع اقتصادية وحماية الصناعة الوطنية، بالإضافة إلى رغبه تلك الدولة في فرض الهيمنة الاقتصادية، وفي حالة نشوب تلك الحرب توجد ثلاث سنياريوهات محتملة ويمكن إيضاحهم على النحو الأتي:
  1. إنخفاض أرباح الشركات: عندما تكون الشركة غير قادرة على نقل التعريفة الجمركية إلى المستهلك من خلال رفع سعر السلعة، وفي هذه الحالة تزداد التكلفة على الشركة وبالتالي تقل ارباحها.
2.ارتفاع الأسعار: عندما لا يوجد للشركة عدد كبير من المنافسين في السوق فانها تسطيع نقل عبء التعريفة الجمركية إلى المستهلك، ويقوم المشتري بدفع سعر أكبر لنفس السلعة وذلك لعدم وجود بدليل قريب لها.
  1. تراجع الطلب: وهو الأكثر واقعية، لأن الرشادة الاقتصادية ستقود المستهلك إلى خفض طلبه على السلع التي تم فرض عليها تعريفة جمركية.



* أبرز محطات النزاع التجاري الأمريكي الصيني:
بدء النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بعد إعلان الرئيس الأمريكي” دونالد ترامب” في 22/3/2018،عن وجود نية لفرض رسوم جمركية تبلغ قيمتها ما يقرب من  50 مليار دولار أمريكي على السلع وبعض المنتجات الصينية وذلك بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974 التي تسرد تاريخ الممارسات التجارية غير العادلة و سرقات الملكية الفكرية حيث أعلنت أمريكا أن الصين تقوض الملكية الفكرية، وكرد فعل أعلنت الصين أنها ستفرض رسومًا على قائمة من الواردات السلع بقيمة 60 مليار، وبنسبة تتراوح من 5% إلى 25%، وستدخل حيز التنفيذ في 1/6/2019.
اتفقت كلتا الدولتين فى ديسمبر 2018 على وقف التعريفات التجارية الجديدة لمدة 90 يوما للسماح بإجراء محادثات والوصول إلى صفقة تجارية مناسبة؛ ووفقاً لتلك الصفقة ستمنح بكين فرصة حتى عام 2025 للوفاء بالتزاماتها بشأن مشتريات السلع، والسماح للشركات الأمريكية بتملك شركات تجارية كاملة فى الصين وذلك عقب محادثات بين الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ونظيره الصيني “شي جين بينج” في الأرجنتين في ختام أعمال قمة مجموعة العشرين.
* تصعيد أمريكي جديد:
أدرجت وزارة التجارة الأمريكية يوم 16/5، مجموعة هواوي على ما يسمى “قائمة الكيانات” لأسباب مرتبطة بالأمن القومي، وهو ما يعني منعها من الحصول على المكونات الأمريكية التي تحتاجها لمعداتها، ومنحتها مهلة 90 يوم قبل بدء تطبيق الحظر، وردت الصين على لسان وزارة التجارة بأنها ستصدر قائمة كيانات غير موثوق بها وستفسخ الصين العقود التجارية معها.
* التداعيات الاقتصادية للحرب التجارية:
أدت تلك الحرب التجارية إلى تدهور العلاقات التجارية بين البلدين لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، وبالرغم من أن بعض التوترات شابت العلاقات بين البلدين خلال العقود الماضية، إلا أن تلك الحرب التجارية هي الاقوى منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ولهذه الحرب العديد من التداعيات ليس فقط على الصين وأمريكيا بل العالم أجمع، وفيما يلي توضيح لأبرز تداعيات الأزمة.
  1. الصين: أكدت المؤشرات الاقتصادية على وجود تباطؤا نسبيا فى معدل نمو ثانى أكبر اقتصاد فى العالم حيث وصل إلى 6.4 وهو أقل معدل نمو وصلت إلية بكين منذ الأزمة العالمية 2008، وانخفض الطلب على الاستهلاك وانخفضت أسعار المنتجات الصناعية، بالإضافة إلى تراجع الصادرات بنسبة 20.7 % منذ عام 2018، لذلك يتشكك الاقتصاديون فى إمكانية نجاح محاولات الدعم والإصلاح أن تعود بالاقتصاد الصينى إلى معدل النمو الذى كان سائداً قبل الحرب التجارية.
  2. 2. الولايات المتحدة الأمريكية:لم يتأثر الاقتصاد الامريكي بصورة كبيرة، ولكنه يهاب تباطؤ الطلب العالمى القادم بسبب الحرب التجارية وهو الأمر الذى يمكن أن يؤثر على الاقتصاد الأمريكى بشكل كبير، لككنا نلاحظ أن الواردات هبطت بنسبة 5.2 %، مما أدى إلى هبوطحاد في أسواق البورصة الآسيوية.
  3. 3. دول الشرق الأوسط:تتأثر دول الشرق الأوسط بالأحداث العالمية، لأن اقتصاد دول الخليج يعتمد بصورة كبيرة على الصادرات النفطية، واذا حدث تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي بسبب النزاع التجاري سينخفض الطب على النفط وبالتالي انخفاض اسعار النفط العالمية، وسيؤثر ذلك بصورة سلبية على اقتصاد تلك الدول.
  4. 4. الاقتصاد العالمي: من المتوقع أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد العالمي ليصل إلى 2.9% بدلا من 3% وذلك بسبب ارتفاع مخاطر التوترات التجارية وتراجع معدلات التجارة والتصنيع على الصعيد العالمي، كما تؤثر الحرب التجارية على قرارات المستثمرين حول العالم، مما يدفع مؤشرات أسواق المال والبورصات العالمية إلى التراجع جراء حالة عدم اليقين من مستقبل الاقتصاد العالمى، لذلك يتجهوا إلى الاستثمار فى الذهب الذي يعد ملاذًا آمنًا، للمستثمرين فى أوقات الأزمات الدولية حيث تنخفض مخاطر الاستثمار به مقارنة بالعملات وأدوات الاستثمار الأخرى فى البورصات.
* صندوق النقد يحذر من التداعيات السلبية للحرب التجارية:
حذر صندوق النقد الدولي خطورة الآثار الناجمة عن التصعيد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، على الصناعات التحويلية في أكبر اقتصادين بالعالم، وأوضح الصندوق أن التصعيد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين سيلحق ضررا بالصناعات التحويلية في البلدين، ومن المرجح أن يتسبب في خسائر بالوظائف، لكنه لن يغير شيئا في مجمل الموازين التجارية للبلدين، كما توقع صندوق النقد الدولى أن تصاعد التعريفة الجمركية المشتركة قد يؤدى إلى انخفاض بنسبة 0.5% عن النمو العالمى بحلول عام 2020..
بصرف النظر عن تلك التداعيات الأقتصادية للحرب التجارية، فإن العالم يشهد  نمو اقتصادي “أقل توازناً وأقل تناغماً”، وسيزيد من معاناة الاقتصاد العالمي تلك الحرب التجارية التي يمكن أن ينتج عنها أزمة مالية عالمية جديدة، خاصة مع دخول “ترامب” في نزاع تجاري مع كل الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة، بخلاف الصين.
تعليقات